أدلجة الثقافة وتسييسها : نهاية التاريخ وصدام الحضارات نموذجا بقلم الدكتور عبد الغني عماد

أدلجة الثقافة وتسييسها :
نهاية التاريخ وصدام الحضارات نموذجا
بقلم الدكتور عبد الغني عماد
********************************

تتحكم في أي عملية تنظير أطروحة توجه مسار النظرية وتدفعها لتبين أحكام وقيم وقوانين. وقد ساد في هذا المجال اتجاهان :
1- يتمثل في أطروحة متمركزة حول الإنسان باعتباره : كائنا معرفيا وكيانا ثقافيا مركبا ومتعدد الأبعاد، صاحب وعي تاريخي ينطلق من بينة عقلية ومنظومة فكرية وقيمية وأخلاقية، يمكنه العيش في العالم الطبيعي متميزا عنه ومتجاوزا إياه .
2- تتمثل في أطروحة متمركزة حول الطبيعة . والطبيعة كينونة بسيطة خالية من القيمة ، حتمية ، لا حدود لها ولا تاريخ ، ولا يحتل الإنسان فيها أية مكانة خاصة . فثمة قانون طبيعي واحد صارم يسري على جميع الكائنات .
هذه الأطروحة استقطبت الاهتمام في العلوم الاجتماعية وتحولت إلى أطروحة مرجعية في عصر النهضة، فطرح مفهوم القانون الطبيعي والإنسان الطبيعي، وشكلت بمجملها نموذجا تفسيريا شمل الطبيعة والمادة بما فيها الإنسان .
مع ظهور مفهوم الإنسان الطبيعي ظهر مفهوم الإنسان الاقتصادي المتحرر تماما من القيمة ، شأنه في ذلك شأن الطبيعة ، أحادي البعد ، دوافعه الأساسية اقتصادية بسيطة ، تحركه قوانين الاقتصاد بغض النظر عن وقائع الاجتماع الثقافي والحضاري. فهو على ضوء هذا النموذج كائن اقتصادي لا يجيد إلا نشاطا واحدا هو الاستهلاك والبيع والشراء ، ويخضع لقانون العرض والطلب في إطار الحتميات المادية ، مثله مثل الإنساني الجنسي/الجسماني ، أحادي البعث، خاضع للحتميات الغريزية يحركه الليبيدو ، متجرد من القيمة .
أكثر ما يعبر عن هذا الاتجاه يتمثل بظهور ” الداروينية الاجتماعية ” على يد هربرت سبنسر . ولا سيما فكرة الصراع على البقاء أو البقاء للأصلح .
الإنسان الطبيعي وفق هذه الأطروحة هو ذاته ( الاقتصادي و الجنسي/ الجسماني ) قد تختلف أطره المرجعية ( اقتصاد – جنس – طبيعة ) لكن البنية أو النموذج التفسيري أو الإرشادي واحد . وجوهر هذه الأطروحة ( التمركز حول الطبيعة ) هي إنكار الإنسان ككائن متجاوز للحدود المادية .
هذا التمهيد ضروري لالتقاط المفاتيح المفهومية لأطروحة نهاية التاريخ التي تصور التاريخ تصويرا ماديا يمكن التنبؤ بتحركاته .
وليست فكرة نهاية التاريخ جديدة تماما، فهي موضوع بحث أساسي في الفكر الغربي الحديث منذ عصر النهضة كـ :
– اليوتوبيا جذبت الاهتمام منذ ترماكبانيلا صاحب أطلانطس الجديدة .
– هيغل والعقل المطلق/الروح الذي لا ينظر إلى الواقع إلا من منظور نهاية التاريخ حين يتجسد العقل الكلي ويتحقق القانون العام في التاريخ وتلغى ثنائية الفكر والمادة، وحين يشبع المجتمع الاحتياجات الأساسية للبشر في المجتمع الليبرالي .
– ماركس حيث لا يتوقف التاريخ إلا في الطور الشيوعي .
كل هذه الأطروحات أصيبت بلوثة الرغبة في وضع الحلول العلمية الطبيعية النهائية لكل المشكلات، وبالتالي تأسيس الفردوس الأرضي ونهاية التاريخ .
والمفارقة أن لحظة الجدل تنتهي حين يصل الإنسان إلى الحل النهائي لكل مشكلاته ، ويحكم السيطرة على كل شيء، هي أيضا لحظة انتصار البسيط على المركب ، والطبيعي على الإنسان ، والمادة على الثقافة .
يمكن القول إن جميع الأيديولوجيات الشاملة ترتكز على نموذج تفسيري ” أحادي البعد ” أو الخط ، حيث يكمن دائما قانون علمي وطبيعي واحد للتطور ، تخضع له المجتمعات والظواهر كافة ، والتقدم يصبح بالتالي ليس أكثر من عملية متصاعدة من الترشيد المادي الذي ينتج عن إعادة صياغة الواقع الإنساني في إطار الطبيعة/المادة، ما يؤدي بالضرورة إلى استبعاد العناصر الكيفية والمركبة والغامضة. ويغدو معها الواقع مادة استعمالية بسيطة، والإنسنا كائنا وظيفيا أحادي البعد ، يسمح ببرمجة كل شيء، وبالتالي التحكم والتنبؤ بسلوكه .
التنبؤ بعمليات الترشيد ومآلاتها:
1- ماكس فيبر : بأن عمليات الترشيد هذه ستؤدي إلى تحويل المجتمع إلى حالة ” المصنع ” وإلى إدخاله الققص الحديدي.
2- يعمق عبد الوهاب المسيري – رحمه الله – رؤية ماكس فيبر برؤية ذات أبعاد ثلاثية ، يرى فيها أن العالم سائر وفقه هذه الرؤية إلى إيقاع ثلاثي :
أ‌- المصنع : حيث ينتج الإنسان
ب‌- السوق : حيث يستبضع
ت‌- أماكن الترفيه: حيث يفرغ ما فيه من طاقة وتوترات وعقد وأبعاد .
وحيث يسيطر هذا الإيقاع الثلاثي على العالم يظهر النظام العالمي الجديد وأيديولوجيات نهاية التاريخ وما بعد الحداثة.

أولا : نهاية التاريخ والانتصار الملتبس
أطروحة ” نهاية التاريخ ” قدمها الأمريكي ” فرانسيس فوكوياما صيف 1989 . ينطق من أن المعالجة في مجال الأيديولوجيا والوعي لا تكمن في الأفكار التي يحملها الناس في أي مكان بل تكمن في ما يمكن اعتباره إرثا أيديولوجيا للبشرية . وهو ما يتمثل بالضبط في الأفكار الليبرالية في القرن الحالي. فيتساءل بعد إسقاطها لخصومها : هل بقي هناك منافسون أيديولوجيون ؟
يقرر جوابا : أن الديموقراطية الليبرالية تشكل فعلا منتهى التطور الايديولوجي للإنسانية ، والشكل النهائي لأي حكم إنساني بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ما يعني نهاية التاريخ وتحقق الانتصار الشامل للنموذج الحضاري الغربي كخيار وحيد لمستقبل الإنسانية . فلم يبقى منافس حقيقي لها لكن يبقى إمكانية منافستها من خلال ( الدين و القومية ) .
فعلى المستوى الديني لم يظهر في العالم الحديث إلا الإسلام كنظام أيديولوجي متماسك، له نظامه الأخلاقي الخاص ، وعقيدته الخاصة في العدالة السياسية والاجتماعية . ومع ذلك يبدو مطمئنا إلى أن المستقبل حتى في البلاد الإسلامية للأفكار الليبرالية .
السياق المنطقي لأطروحته يؤول إلى انتفاء أسباب الصدام بين الدول والشعوب كمحصلة طبيعية لسيادة شكل الحكم الأكثر عقلانية بلا منافس أيديولوجي حقيقي . وينعطف بشكل مفاجئ إلى ان العالم في المستقبل سينقسم إلى جزء ” ما بعد تاريخي ” يضم الدول الديموقراطية ، وجزء آخر يظل دائما في التاريخ ودورته المفتوح يشمل غير الديموقراطية .
في العالم الأول ” الجديرون بالحياة ” : سينتهي الصراع لمصلحة التفاعل الاقتصادي بين دوله ، وستفقد سياسة القوة أهميتها .
في العالم الثاني ” المسموح لهم بالموت ” : يظل في التاريخ مواصلا لانقساماته ونزاعاته وصراعاته الأيديولوجية والقومية والدينية ، نظرا إلى توفر أسبابها . وبالتالي فالخلاص والنجاة في الالتحاق بالغرب !
وتتحدد طبيعة التفاعل بين العالمين على المدى الطويل على محورين :
1- النفط : فالإنتاج النفطي سيبقى محصورا في العالم التاريخي ، وهو مصيري بالنسبة للعالم المابعد تاريخي.
2- الهجرة : بهجرة العقول و الأيد العاملة خبيرة وشابة .
فيما عدا ذلك تبقى العلاقة متسمة بالحذر و الخوف المتبادل .
ويتساءل فوكوياما ” لماذا لا تتبنى أغلب البلدان الديموقراطية الليبرالية طالما هي شكل الحكم الأكثر عقلانية ؟
يجيب من خلال الثقافة وتشكيلها للعائق من خلال عواملها :
1- درجة قوة الانتماء الإثني .
2- الدين
3- البنية الاجتماعية
4- قدرة الجماعة على خلق مجتمع مدني سليم .

ثانيا : ألفن توفلر وثالوث المعرفة والعنف والثروة

أحد المؤثرين في صانعي القرار الأمريكي . وله عدد من المؤلفات ذات الذيوع والانتشار . وتتركز أطروحته على المحاور التالية :
أ‌- يقدم رؤية جديدة للعصور الحضارية معتمدا مفهوم الموجات : فالموجات متحركة ، وإذا اصطدمت ببعضها ، ينتج عن اصطدامها التيارات المتعارضة القوية ، وهذا بتقديره يجعلنا أقدر على فهم ما يبدو فوضويا وعشوائيا في عالم اليوم الذي تجري الكثير من أحداثه نتيجة اصطدام هذه الموجات أو صراعها ، والموجات كالتالي :
1- الموجة الأولى : الحضارة أو الموجة الزراعية
2- عصر الصناعة ذات المداخن
3- عصر المعلومات والذي يحمل معه تغيرات ، وهي أعلى درجات التقدم !
ب‌- ثالوث الموجة الثالثة ” ثالوث القوة ” هو ( المعرفة : تحتل مركز المحور ) و ( العنف : لقهر الخصوم ) و ( الثروة للمكافأة ) . والمتمكن من استخدام هذه الادوات الثلاث عن طريق ربطها ربطا حاذقا ببعضها ، والإبدال بين التهديد بالعقاب ، والوعد بالمكافأة ، والاقناع الشخصي فهو من اللاعبون المهرة . لكن التحكم في المعرفة هو لب الصراع .
ت‌- انقسام العالم إلى قسمين ( عالم بطيء ) و ( عالم سريع ) ويستمر الانقسام في الاتساع . وتصبح أهمية الوقت متزايدة .
ث‌- إحلال الديموقراطية بما يناسب القرن الواحد والعشرين . و مقاومة محاربيها كالدين وبعض الأيديولوجيات ، وحركات البيئة . لذلك يطالب بإعادة النظر في دستور الولايات المتحدة ويدعو إلى توسيع ” قائمة الحقوق ” ويطلق خمسة مبادئ أساسية لديموقراطية الموجة الثالثة وهي :
1- سلطة الأقلية : الأقلية العارفة والمالكة للمعلومات والتي يجب أن لا تنصاع لرأي الأغلبية غير المالكة للمعلومات
2- الديموقراطية المباشرة: بمعنى التقليل من الاعتماد على الممثلين، واستفتاء الشعب مباشرة عن طريق وسائل الاتصال .
3- تقسيم القراء بدءاً من القمة وانتهاء إلى مالكي المعلومات.
4- مبدأ النخبة الموسعة، حيث تتوزع اعتمادا عليه ، أعباء القرار على الكثير من الخبراء في المجالات المختلفة ، بل على الشعب نفسه
5- التصدي للقدر وقبول التحديث من قبل الجيل الراهن الذي عليه أن يضع الأسس لديمقراطية القرن الحادي والعشرين .
هذه المبادئ تفرغ وتجوف الديموقراطية من حقيقتها وتحولها إلى تسلط للنخبة مالكة المعرفة والثروة والقوة . حيث تخضع الأغلبية للأقلية المدججة بثالوث السلطة الحديث للموجة الثالثة .

ثالثا : الثقافة والسياسة وإشكالية صدام الحضارات

الأطروحة لـ صموئيل هنتغتون ، وترتكز على فرضية أساسية وهي أن الثقافة أو الهوية الثقافية ، والتي هي في أوسع معانيها الهوية الحضارية، هي التي تشكل نماذج التماسك والتفكك والصراع في عالم ما بعد الحرب الباردة . فالصراع سيكون بين الهويات الثقافية المختلفة.
ويعتبر هنتغتون الحضارات هي القبائل الإنسانية الكبرى وصدام الحضارات هو صراع قبلي على مستوى عالمي ، فالشعوب التي فصلتها الأيديولوجيا وحدتها الثقافة . وبالتالي فأكثر الاختلافات أهمية بين الشعوب ثقافة أو تراثية .
وتشير أطروحته إلى تخبط منهجي يشير إلى هيمنة النزعة المركزية الغربية في تحليلاته . ويرى هانتغتون أن الغرب سيبقى الأول في القوة والنفوذ ، غير أن تغيرات تدريجية وجوهرية ستحدث في توازنات القوى بين الحضارات ، وأن قوة الغرب ستضمحل وتتلاشى، وما سيبقى من معالم قوته سينتشر على أسس إقليمية بين الحضارات الرئيسية .
ويحدد العلاقة بين الغرب وبقية العالم من خلال :
– الحضارات المتحدية: الإسلامية والصينية
– الحضارات الضعيفة : المتمثلة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا.
– الحضارات المتأرجحة : الرسوية واليابانية والهندوسية ، حيث يسودها عناصر التعاون والصراع، وهي تتأرجح من جانب إلى آخر في علاقتها بالغرب.
ويستخدم هانتغتون متغير ” التحديث ” ، ولا يميز بينه وبين التغريب لإظهار التمايز والفرادة بين الغرب والباقي !
في هذه المقاربة يتجلى بوضوح نزعة التمركز حول الذات ” الغربية ” التي لا يمكن أن يحصل التحديث والتمدن إلا عن طريقها، أو عن طريق التماهي بنموذجها.
إذا فنهاية الحرب الباردة لم تنه الصراع ، بل دشنت مرحلة جديدة ، وخلقت هيجانا في أزمة الهوية. وساعدت على بروز هويات جديدة متجذرة في الثقافة ستنتج صراعا قد يكون بارداً لكنه في الغالب عدائي . تعبر هذه المقاربة عن ثقافة لا تستطيع أن تحدد نفسها إلا بالصراع مع الآخر هو طبعا لا يراها متجسدة في الغرب ولكن في ما يسميه الحدود الدامية للإسلام ، والتي ولدت وستولد حروب خط الصدع والتي سينتج عنها مفهوم جديد هو الاحتشاد الحضاري للدول الشقيقة حضاريا حيث تنتصر لبعضها بعضا .
يؤدي تحليل هذه الأطروحة إلى تعزيز الانطباع القائل إن فيها الكثير من الأيديولوجيا والقليل من الموضوعية، إنه خطاب أيديولوجي بامتياز . والحقيقة التي تجاهلها هذا التحليل أن الأديان لا تصنع الحربو ، بل من يصنعها هو الدول والساسة الذين يستخدمون الدين في إطار تحشيدهم لعناصر القوة في صراعاتهم.
ومع ذلك يتابع هنتغتون تحليله ، فيعتبر أن المشكلة في الغرب ليست الأصولية الإسلامية ، المشكلة هي الإسلام الذي يمثل حضارة مختلفة شعوبها مقتنعة بتفوقها الثقافي وواعية بدونية موقفها . ويعزز أطروحته بتأكيد يذهب إلى أن الإسلام يتعارض مع الديموقراطية .
يقول أن عنف خط الصدع ربما يقف كليا لبعض الوقت ، ولكن من النادر أن ينتهي دائما إلى الأبد ، لأن العنف متجذر في هذه المجتمعات .

رابعاً : تفكيك الخطاب وتنميط الآخر

منذ القدم والناس مولعون بتصنيف سلوك أصدقائهم وأعدائهم على السواء . ويمارس مختلف الناس هذا النوع من النشاط التصنيفي بدرجة أو بأخرى . وفيما يتعلق بمثلا بالشرق والغرب ، عبر الشاعر الانكليزي كيبلينغ عن ذلك في أو أوج الأمبراطورية الإنكليزية حين قال ” الشرق شرق ، والغرب غرب ، والاثنان لا يلتقيان أبداً ” .
ولعملية التصنيف والتنميط هذه ، والتي هي نشاط قديم يتصف بالشمولية، وظيفة توافقية وتكيفية ، فهي تختزل الوقت والجهد ، لأنها تقدم للفرد أطراً عامة جاهزة للتعامل مع الآخرين والتنبؤ بسلوكهم وردود أفعالهم .
وقد اهتمت الأنثروبولوجيا بهذا النوع من الدراسات إمبريقيا ، وصدر العديد منها ، كبحوث ما رغريت ميد .
ويمكن القول إن الحرب العالمية الثانية كانت نقطة انطلاق ضخمة لبحوث ” الشخصية القومية ” . تميزت هذه الدراسات بوضوح أهدافها السياسية منذ البداية .
وجدير بالذكر أن موضوع ” الشخصية القومية ” يفرض تضافراً مثمراً بين عديد من العلوم الإنسانية . ومنذ الستينات تراجع الاهتمام بهذا النوع من الدراسات، وانخفض الإنتاج الأكاديمي في هذا المجال .
وإذا كانت الدراسات التي راجت إبان الحرب العالمية الثانية وبعدها ، قد اعتمدت ” الشخصية القومية ” كمتغير أساسي لوحدة التحليل ، فإن كتابات ما بعد الحرب الباردة قد اعتمدت المقاربة نفسها لكن مع إبدار المتغير في وحدة التحليل واعتماد المقاربة الحضارية كمنموذج إرشادي وكإطار كما عبر عن ذلك هنتغتون بصراحة . لذلك بقيت أكاديميا تشكو من عيوب نزعة ” التمركز حول الذات ” . وهي النزعة التي تماهي بين الغرب والعالم، وتعتبر كلا منهما امتدادا للآخر، بحيث تصبح السياسية الغربية تجاه الآخر نوعا من سياسية محلية . وهو ما تعبر عنه العبارة الرائجة في الثقافة الغربية ” الغرب والباقي ”

التجليات الأربعة للمركزية الإثنية تجد تعابيرها في كتابات فوكوياما وتوفلر وهانتغتون كمناذج تنظيرية تلبي الحاجة السياسية للإدارة الأمريكية، كعتاد ثقافي ومعرفي له وظيفة استراتيجية أكثر من تلبية لحاجة أكاديميمة تتطلب مقاربة جديد لعالم ما بعد الحرب الباردة.
هذا الاهتمام المبالغ به بهذه الأطروحات لا يجد ما يبرره سوى أنه يستجي لحاجة سياسية واستراتيجة طارئة . وبغض النظر عن صحة تلك الأطروحات أو صحة ما استندت إليه من معطيات ، فهي تبقى محاولات تبحث في مستقبل البشر وتفسر حركة التاريخ .
يمكن حشد العديد من الفوائد التي تمثلها هذه الأطروحات لمشروع الهيمنة المعولم . وأن انفجار أي صراع لا يتحقق إلا من خلال وجود التنظيم السياسي والمعروف بـ ” الدولة ” . فالدول هي من تقوم بالحروب وليس الشعوب .
الفرضية الأخرى التي تستند إليها هذه الأطروحات تعتبر أن سقوط الاشتراكية، يعني انتصار الرأسمالية ونهاية التاريخ وتحقق العولمة. وهي فرضية لا تزال محط نقاش واسع.

أضف تعليق