التعليم الديني في لبنان: الإشكاليات والمحددات بقلم الدكتور عبد الغني عماد

 

التعليم الديني في لبنان:

الإشكاليات والمحددات

 

                                                            الدكتور عبد الغني عماد

                                                             أستاذ العلوم الإجتماعية في الجامعة اللبنانية

 

   إستقطب موضوع التعليم الديني في لبنان إهتماماً بالغاً تجاوز الجانب التربوي ليطال أبعاداً سياسية تتعلق بهوية لبنان ودوره في المنطقة، فضلاً عن إرتباطه بإشكالية التربية والتعليم برمتها في نظام متنوع ومتعدد طائفياً ومذهبياً. ولهذا الأمر بطبيعة الحال علاقة مباشرة بالجدل الذي يثيره بشكل دائم التشكيل البنيوي للسلطة في لبنان والقائم على توزيع دقيق وتوازنات تعكس أحجام الطوائف اللبنانية داخل النظام السياسي والمستندة الى مكونات الاٍجتماع الأهلي والسيوسيولوجي للمجتمع اللبناني الذي يرفد هذه التركيبة السلطوية بالكثير من مقومات إستمرارها على مستوى الطوائف التسع عشر المعترف بها.

    والواقع إن إشكالية التعليم الديني في لبنان تعود بجذورها الى العهد العثماني، حيث كانت الطرق التقليدية في إكتساب العلم التي درج عليها علماء بلاد الشام لا تزال صلبة، وهي بطبيعة الحال لم تكن تميز او تفصل بين ما نسميه تعليماً دينياً وتعليماً غير ديني، فمثل هذا التقسيم لم يكن وارداً على الإطلاق وقد حافظ نظام التعليم الأهلي- المحلي على تماسكه، ولعب الدور الرئيسي فيه اسلوب نقل المعرفة التلقينية الشفوية من الاستاذ الى تلميذه، وكان العلماء يفاخرون بأسماء أساتذتهم الذين نالوا على أيديهم الإجازات في قواعد اللغة العربية، البلاغة والبيان والمنطق والحديث والفقه والتصوف والهيئة. وفيما بعد كان أبناء العائلات الميسورة يرسلون أبناءهم الى إستنبول او الى الأزهر للإستزادة منها، ولتأكيد الحصول على المنصب المناسب. لم يكن التعليم محصوراً في مدارس محددة في بلاد الشام، فبالإضافة الى الجامعين الأساسيين في حلب ودمشق، كانت توجد مدارس هامة في الولايات، في طرابلس وصيدا والقدس ونابلس وحمص وحماه وإدلب وبعلبك وعكا[1].

     في كل الأحوال يمكن القول إن النظام المدرسي بشكل عام قد إنتظم في حركة ثلاثية الأبعاد: طلب العلم- الوظيفة- إعادة نقل العلم، وتشبه هذه الحركة ما نجده في طوائف الحرف. وكان تمويل هذه الحركة في الغالب يقع على عاتق المؤسسة الوقفية التي كانت تنفق كما ينبغي على المدارس ودور “الكتاب” وبحسب إمكانيات الوقف. إلا أن مدارس تحفيظ القرآن حققت أغراضها في الواقع، إذ إنها وفرت الوسيلة التي تمكن أطفال المسلمين في المدن والقرى من التعرف على النصوص المقدسة ولقنتهم بالتالي كيفية تأدية طقوس صلواتهم. مع ذلك بقي الأمر مرتبطاً بشكل أساسي بسخاء الأفراد، وإن كان الحكام قد أنشاؤا ومولوا بعضاً منها، وهذا يعني أن مصير الكثير من المدارس يرتبط بريع الأوقاف، وهذا ما يفسر التدهور الخطير الذي أصاب الكثير من المدارس وإغلاق بعضها في ولايات الشام، ومنها بطبيعة الحال لبنان بدءاً من القرن الثامن عشر.

   في الفترة السابقة للقرن التاسع عشر كانت المراكز الدينية من مساجد وكنائس هي الإطار الحاضن للتعليم، فارتبطت الدراسة بمراكز العبادة، وكان رجل الدين هو المعلم، والمواد الدينية غاية التعليم، يلحقها بعض المواد التي تَصُبّ في خدمتها، ومن أراد استكمال دراسته الدينية من المسلمين قصد النجف أو الأزهر، أما المسيحيون فكانوا يؤمون روما[2]. ولم يخرج عن إطار المؤسسات الدينية في التعليم إلا بعض المدارس التي تأسست في عهد المماليك لدى السنّة والشيعة، وبعض المعاهد التعليمية في بعض الأديرة للموارنة والروم والكاثوليك، مثل عين ورقة وعين تراز، ولكن ما يمكن أن يقال إن مسلمي طرابلس وصيدا وبيروت كانوا يعتمدون على الكتاتيب التي كانت تُعلّم الصبية قراءة القرآن والكتابة، وفي ما عدا ذلك كان الجهل سائداً في مناطق الجبل.

    في الوقت نفسه أدى نظام “الملل” الذي إعتمدته الدولة العثمانية الى تعزيز قبضة رجال الدين غير المسلمين على أبناء دينهم عموماً. ويبدو أن تشدد تنظيم “الملل” في إطار الإدارة العثمانية هو الذي يفسر في الواقع توسع هذا الهامش بدءاً من القرن الثامن عشر حيث إستفادة منه الإرساليات التبشيرية والمدارس الأجنبية وخاصة في لبنان.

الإرساليات الأجنبية في لبنان من التبشير الى التعليم:

   فقد إنتشرت المدارس الأجنبية والإرساليات في جبل لبنان وبيروت، سواء منها الاوروبية ( فرنسية، إنكليزية، إيطالية، إلمانية …) او أميركية، فعرفت بيروت حركة ثقافية وتعليمية منتعشة شاركت فيها المدارس الأهلية المسيحية المرتبطة بالإرساليات التبشيرية الأجنبية، وبلغت هذه الحركة أوجها مع تأسيس “الكلية السورية الإنجيلية” سنة (1283هـ1866م) “الجامعة الأميركية” منذ سنة (1340هـ1921م) وجامعة القديس يوسف (اليسوعية) سنة (1292هـ1875م) وجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية سنة (1295هـ1878م).

  ولعل المدرسة الوطنية التي أنشأها المعلم بطرس البستاني في بيروت (1280هـ1863م) هي المدرسة الأهلية الوحيدة، التي أسسها أحد المسيحيين دون إرتباط بالسياسة التبشيرية الأجنبية، فكما يشير إسمها، هي ذات توجه وطني غير ملتزم بإتباع دين معين. لكن هذا لم يمنع هذه المدرسة من أن تفرد للتعليم الديني المسيحي مجالاً خاصاً في برنامجها ، فقد كانت الدراسة فيها تبدأ كل يوم بتلاوة من الإنجيل على غرار ما كان يجري في المدارس التبشيرية[3].

    كانت السياسة التبشيرية الأجنبية، تشجع كل طائفة مسيحية على تأسيس جمعية ومدارس خاصة بها على غرار المدارس الأجنبية. وبذلك تأسست المدرسة البطريركية للروم الكاثوليك على يد المطران غريغوريوس الأول سنة (1282هـ1865م) وأنشأ المطران يوسف للموارنة مدرسة الحكمة سنة (1292هـ1875م) وأسس الروم الأورثوذكس في الأشرفية ببيروت مدرسة الثلاثة أقمار سنة (1283هـ1866م) ومدرسة زهرة الإحسان سنة (127هـ1880م).

     وهكذا بدأ دور الإرساليات التبشيرية الأجنبية، وفي طليعتها الفرنسية، فنقل الآباء اليسوعيون “معهد اللاهوت” الذي أسس في غزير سنة (1262هـ1846م) الى بيروت سنة (1292هـ1875م) فكان النواة التي نشأت حولها جامعة القديس يوسف (اليسوعية) وتبعتها المدارس المختلفة. أما راهبات القديس يوسف القادمة من مرسيليا، فقد شرعت منذ سنة (1262هـ1846م) بإنشاء مدارس بأقسام داخلية وخارجية ومياتم ومؤسسات خيرية في بيروت وغيرها من المدن والقرى. ثم قدمت راهبات الناصرة من ليون سنة (1293هـ1876م) ثم راهبات العائلة المقدسة، فراهبات الراعي الصالح، وراهبات المريميات الوطنيات التي كان مقرها بكفيا وتأسست سنة (1270هـ1853م) وكلها أنشأت مؤسسات تربوية وتعليمية.

    وفي سنة (1277هـ1860م) جاءت الإرسالية الإنكليزية، وأسست لها مدارس للبنين والبنات من بينها مدرسة لتخريج المعلمات، فضلاً عن مدارس زحلة وبعلبك وعين زحلتا وحاصبيا وشملان. وجاءت في السنة نفسها الراهبات الروسيات (الإلمانيات) وأسسن مركزاً في صيدا، ومن ثم إنتقلن الى بيروت. أما الإرسالية الأميركية (الإنجيلية) فهي أول من إقتنعت بفشل سياسة التبشير الديني المباشر ضمن الأديرة المغلقة والمنعزلة، فعمدت الى إنشاء المدارس وتأسيس المطابع ونشر الكتب والمجلات، وتوجت عملها بتأسيس الكلية السورية الإنجيلية سنة (1293هـ1866م).

    حدث شىء، مشابه في طرابلس، وإن كان قد بدأ قبل ذلك بسنوات. فقد شهدت المدينة أول إرسالية كبوشية عام(1629م) ثم جاء بعدهم اليسوعيون (1650م) والعازاريون (1783م) إلا أن أعمالهم تركزت على التبشير وبناء الأديرة بداية، ومع بدايات القرن التاسع عشر شهدت المدينة ما يشبه الإقتحام المنظم لمدارس الإرساليات الأجنبية والتي بلغ عددها حوالي ست عشرة مدرسة بما يتجاوز بكثير ثلثي حاجة سكان المدينة التي يقطنها حوالي (17ألف نسمة تقريباً)[4] .

    قدمت هذه الإرساليات من خلال مدارسها مناهج حديثة في التعليم، فتضمنت مناهجها تنوعاً في المواد والعلوم من لغات وبعض مبادىء الحساب والتاريخ والجغرافيا الى علوم ورياضيات، وهي كانت تخضع للتطور بشكل دائم بما يلبي متطلبات المجتمع الوليد وحاجته الى كادرات حديثة تلبي الإحتياجات والشروط الإجتماعية الطارئة والتي لم يعد التعليم التقليدي ممثلاً بالكتاب والحلقات الدينية قادراً على تلبيتها.

   كان التعليم الديني في مدارس الإرساليات يتم الى جانب باقي العلوم جنباً الى جنب، والواقع ان هذه الصورة تبين بوضوح إن شيئا يشبه الاجتياح الثقافي والتعليمي يحدث بصورة منتظمة تحت سمع وبصر الدولة العثمانية. فمدارس اللإرساليات وان كانت موجهة بصفتها الدينية في الدرجة الاولى لتأطير الطوائف المسيحية وتأهيلها للإندراج في بنية النظام الرأسمالي الحديث من جهة، وتحصين كينونتها كأقليات في هذا الشرق من جهة اخرى، إلا أن تأثيرات ذلك كانت خطيرة على أرض الواقع، فقد هيمن التعليم الحديث الذي قدمته الإرساليات والمدارس الاهلية المسيحية على نظام التعليم ككل في لبنان لفترة طويلة من الزمن، وراح الكثير من أبناء العائلات الميسورة، من المسلمين، ومن ابناء الامراء والاقطاعيين والحكام قبلهم منذ القرن الثامن عشر، يرسلون أبناءهم للتعلم في هذه المدارس، وقد تأثر بالفعل العديد من هؤلاء، وتنصرت شرائح وعائلات او أقسام منها على الاقل.

عصر التنظيمات ومحاولات الاصلاح:

 بقي وضع المسلمين في لبنان على المستوى التعليمي محافظاً على صورته التقليدية الى منتصف القرن التاسع عشر تقريبا، اي الفترة التي عرفت بعصر ” التنظيمات”. ويمكن رصد مؤشرين في هذا المجال:

1-صدور قانون المعارف العثماني سنة 1869 الذي أكد على إلزامية ومجانية التعليم الإبتدائي من ناحية وإشتمل على مسوغات قانونية للتنصل منها من ناحية ثانية[5].

2- إعلان دستور سنة 1876 والذي أشار فيه السلطان عبد الحميد الثاني لاول مرة الى أهمية التعليم والثقافة في المجتمع[6]. والذي جاء في بعض مواده : إن التعليم حر، وكل عثماني مرخص له بالتدريس العمومي والخصوصي بشرط مطابقة القوانين (مادة 15 ) وإن جميع المكاتب هي تحت نظارة الدولة وسيصير النظر بالوسائل التي من شأنها جعل تعليم التبعة العثمانية على نسق واحد لا تمس اصول التعاليم الدينية عند الملل المختلفة (مادة 16) وان التعليم الإبتدائي يجعل إجباريا على كل فرد…

      لم تكن التنظيمات وحركة الإصلاح العثماني نتيجة رغبة شخصية من السلطان، بل سبقتها ومهدت لها مجموعة عوامل إجتماعية وسياسية داخلية على مستوى السلطنة العثمانية وخارجية تمثلت بسلسلة هزائم وتراجعات أصابت هيبة الدولة بالصميم. من هنا جاءت محاولات الإصلاح بالإنفتاح على اوروبا تدريجياً، ومع ذلك لم تسلم من معارضة حادة في الداخل متلّها تحالف الانكشارية ورجال الدين ( في حالة سليم الثالث مثلا ) استطاعت إجهاض الإصلاحات التي قام بها. لذلك تأخرت حركة الإصلاح فعلياً حتى أواسط القرن التاسع عشر كي تثبت اقدامها، لكن الحداثة الاوروبية كانت قد بلغت درجة عالية من التطور والتقدم، وكانت السلطنة العثمانية في المقابل قد دخلت في مرحلة الشيخوخة والمرض حتى اطلق عليها “الرجل المريض”، وباتت معها مرتعاً للاطماع والتدخلات السياسية والإقتصادية والإستعمارية، مما جعل ” الإصلاح ” للمحافظة على مركزية الدولة والسلطنة ومنعها من الانهيار مهمة مستحيلة[7].

     من هنا يمكننا أن نفهم الصفة العسكرية للمدارس الاولى التي باشرت الدولة العثمانية في إنشائها مقصرة إياها على العاصمة ومراكز الولايات، ويؤكد د. عبد العزيز محمد عوض هذه المعلومات فيشير الى انه اعتباراًُ من 1875 تأسست مدارس رشدية عسكرية متفرقة كي تحضر للقبول في المدارس العسكرية العالية والكليات، وفي عهد عبد الحميد تأسست المدارس الرشدية في مراكز 29 ولاية و6 متصرفيات مستقلة وفي مراكز عدد كبير من الاقضية كي تحضر للمدارس الإعدادية.[8] كانت هموم الدولة العثمانية في مكان آخر لا علاقة له بما يجري في بنية الإجتماع الأهلي اللبناني وحراكه التربوي والثقافي وتأثيرات ذلك كله على الهوية الثقافية لهذا الاقليم على المدى البعيد. فردة الفعل العثمانية امام هذا الطوفان التربوي للإرساليات في بيروت وجبل لبنان وفي طرابلس وصيدا، كانت بعدد محدود من المدارس الحديثة التي أنشأتها، منها أربع مدارس للبنين ومثلها للبنات، فضلاً عن مدرسة رشدية ملكية في محلة السمطية (1283هـ1866م) ومدرسة رشدية عسكرية (1294هـ1877م) ذاعت شهرتها بعد انتقالها الى المبنى القرميدي المعروف في بيروت في حوض الولاية سنة (1305هـ1887م) ومدرسة سلطانية سنة (1301هـ1883م) وبعض المدارس الاخرى التي أتت تباعاً وجلّها بمبادرات أهلية في بيروت والمدن اللبنانية كطرابلس وصيدا.

     مواجهة الهجمة الثقافية والتربوية قامت بشكل رئيسي على عاتق المجتمع الاهلي الإسلامي. فكانت سلسلة من المبادرات اولها مع مدرسة جامع الامير منذر (النوفرة) سنة (1275هـ1860) والمدرسة القادرية وروضة المدارس سنة (1281هـ1871م) ومدرسة الشيخ عبد الباسط الأنسي في بيروت 1875م.

    وتبقى اهم هذه المدارس الاهلية الإسلامية، هي التي ظهرت مع تأسيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت (غرة شعبان 1295هـ31تموز1878م) والجمعية التي تحمل نفس الاسم في صيدا في (26 ربيع الثاني1296هـ 10نيسان1879م) وفي النبطية (1317هـ1899م) دون اغفال الدور المميز للكلية العثمانية الاسلامية التي اشتهرت منذ تأسيسها (1313هـ1895م) بإسم مؤسسها الشيخ أحمد عباس الازهري، فضلا عن الجمعية الخيرية الإسلامية ودورها الرائد في التعليم الحديث لابناء المسلمين في طرابلس والشمال اللبناني منذ العام (1879م) والتي منها ولدت كلية التربية والتعليم الإسلامية ذات الشهرة في العالم العربي والاسلامي.

النهوض الاسلامي في لبنان:

     يمكن القول أن النصف الثاني من القرن التاسع عشر شهد نهوضاً في مدن ساحل الشام، ومن ضمن ذلك الحياة العلمية والدينية، وكان اساس ذلك حركة السكان وتنقلاتهم، ففي ذلك الحين كانت طرابلس لا تزال ولاية تتبعها الوية وأقضية، إلا ان صيدا فقدت صفة الولاية في المقابل صارت بيروت ولاية منذ العام 1888. وكان الحراك الإسلامي اللبناني في توجهه العام نهضوي التطلع وتنويري الاتجاه، وقد مثل كتابا الشيخ حسين الجسر: الرسالة الحميدية، الحصون الحميدية، محاولة نهضوية توفيقية بين متطلبات الإعتقاد السني التقليدي ومتطلبات الحداثة او العصرية كما سماها هو. وقد تأثر الشيخ رشيد رضا ابن بلدة القلمون القريبة من طرابلس بهذا الفكر النهضوي، إلا انه ما لبث ان تجاوز ذلك الى طموح اكبر، فذهب الى مصر للإ لتحاق بالشيخ محمد عبده، فأنشأ هناك مجلة المنار عام 1899 التي ظلت تصدر حتى العام 1935 وصارت سيدة المجلات الإسلامية في العالم كله.

     في بيروت إختلفت المقاربة النهضوية، فقد اراد الوجهاء البيروتيون برئاسة الشيخ عبد القادر قباني أن تكون مقاربتهم تربوية بشكل مباشر، بشكل مختلف عن المسارالذي إتخذته مدرسة الجسر في طرابلس، فقد أرادوا القيام بنهضة في مجال التعليم المدني العام، متخذين من مدارس الإرساليات التي قامت لدى المسيحين اللبنانين مثالاً، وذلك بهدف الحفاظ على الهوية الإسلامية العامة.

     وهكذا ومع نشوء الكيان اللبناني عام 1920 كان هناك نوعان متواضعان، ولكنهما ثابتان من وجوه النهوض لدى المسلمين: النهوض الديني الإصلاحي في نظامي محمد عبده والجسر والذي ضمهما معاً محمد رشيد رضا. والنهوض التعليمي المدني الذي قادته جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية ومدرسة الشيخ احمد عباس الازهري. وكلا الامرين إتخذ من مصر وجهة له، اي النهوض الديني والنهوض التعليمي.

    إقتضى ظهور الكيان اللبناني وبروز بيروت كعاصمة ان تقوم مؤسسات دينية جديدة تتركز فيها، ومن ضمن ذلك منصب مفتي الجمهورية ذي الدور الوطني والمهام الوقفية والرمزية والتي تطورت وتنظمت من خلال المرسوم الاشتراكي رقم 18 والذي يعطي للمسلمين ممثلين بالمفتي ودار الفتوى حقوقاً في حرية العبادة وحرية التعليم الديني وقضاء الاحوال الشخصية وادارة اوقافهم. وفي موازاة ذلك تم البدء بإنشاء جهاز ديني من الائمة والخطباء والمدرسين والقضاة إضافة للوظائف الموروثة من العهد العثماني. وفي العام 1933 أنشئت الكلية الشرعية، وهي ثانوية دينية لتخريج الأئمة والخطباء والمدرسين في المساجد. ومن هذه المدرسة تخرج اوائل القضاة. ومنذ الثلاثينات بدأ الأزهر الشريف يرسل بعثة ازهرية كانت بداية من سبعة علماء وصارت في الستينات اربعين عالماً. واصبح الأزهر يعترف بالثانوية البيروتية، ويقبل الطلاب اللبنانيين الذين يتابعون دراستهم في الأزهر للحصول على شهادة الدراسات العالية في إحدى الكليات الثلاث : الشريعة او اللغة العربية او أصول الدين، حيث يعود هؤلاء لتولي مناصب القضاء والفتوى. وكان الشيخ حسن خالد رحمه الله هو أول من تولى إفتاء الجمهورية من خريجي الأزهر. اما القضاء الشرعي فقد بدأ الازهريون توليه منذ الخمسينات من القرن الماضي.[9] وفي الوسط الشيعي نشأت الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية في بيروت (1927) والكلية الجعفرية في صور في الخمسينات برعاية الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين، وجمعية المبرات الخيرية عام 1977 وإزدادت وتعززت فيما بعد مثل هذه المؤسسات.

    تبدل الامر بعد خروج العثمانيين وخضوع لبنان للإنتداب الفرنسي، فقد اصبح التعليم الديني من مسؤلية دوائر الاوقاف التابعة للطوائف الدينية في لبنان، ومع صدور الدستور اللبناني في 23 أيار/ مايو 1926 أصبحت الأمور اكثر رسوخاً ووضوحاً. فقد نص الدستور في مادته العاشرة على ان :” التعليم حر ولا يمكن ان يمس حقوق الطوائف من جهة إنشاء مدارسها الخاصة…” ونص في مادته التاسعة على ان : “حرية الاعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها… وهي تضمن ايضاً للاهليين على اختلاف مللهم إحترام نظام الاحوال الشخصية والمصالح الدينية.”

في عام 1936 صدر مرسوم رسمي 7962 قضى بإعطاء إجازة رسمية للمدارس القرآنية والكتاتيب شرط أن تقدم أوراقها الثبوتية المنصوص عليها[10].

   ولقد اعتُمد القرآن للتدريس عند الطوائف الإسلامية، والإنجيل عند الطوائف المسيحية، أما الأساليب المتبعة للتعليم عند الطوائف اللبنانية ذلك العهد فيمكن تلخيصها بالآتي[11]:

1 – عند السنة ينطلق التعليم الديني من حفظ الحروف والكلمات، والتركيز على القرآن تلاوة وحفظاً، وتدريس التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية الشريفة.

2 – عند الشيعة، إضافة إلى ما يدرسه السُنّة، كان الشيعة يدرسون سيرة الأئمة الاثني عشر.

3 – عند الدروز يبقى الدين مجهولاً عند أبناء الطائفة الدرزية حتى يصبح الواحد منهم من العقلاء في سن الأربعين، لذلك تقتصر الدراسة على الأمور الأخلاقية والتوجيهات الرسولية.

4 – ركّز الكاثوليك ( من موارنة – روم – لاتين – أرمن – سريان)، على شرح المسيحية كعقيدة بعد أن ينتهي التلميذ من تعلم القراءة الصحيحة للإنجيل وسيرة السيد المسيح، كما يترافق مع الدراسة ممارسة بعض الطقوس العبادية في الكنائس.

5 – ركّز الأرثوذكس في تعليمهم الديني على الطقوس الدينية والأعياد والقداديس والتعاطي مع الأيقونات.

6 – اعتمد البروتستانت والإنجليون الأسلوب التوراتي الذي يركّز على حفظ مقاطع من التوراة والإنجيل وشرح أقوال السيد المسيح حسب قناعاتهم.

   ورغم ذلك كانت دولة الإنتداب الفرنسي تعمل جاهدة على استبعاد المواضيع الدينية الحساسة من المناهج، وهذه السياسة التعليمية جعَلَت التربية الدينية مُناطة بالأسرة بشكل أساسي.

مرحلة ما بعد الاستقلال:

     من الواضح ان الدستور اللبناني اعطى الطوائف حقوقاً ثابتة في التعليم والاحوال الشخصية، وحصن هذه الحقوق بنصوص غير قابلة للتعديل الا بنصاب دستوري من شبه المستحيل تأمينه في لبنان. في المقابل فان انسحاب الدولة من ساحة التعليم الديني قابله افساحها بالمجال امام مؤسسات الطوائف لكي تقوم بملء هذا الفراغ، الامر الذي فتح الباب واسعاً لكثير من الافراد والجمعيات الاسلامية السنية والشيعية والمسيحية بمختلف مذاهبها لمضاعفة جهودها وتوسيع انتشارها، وذلك لحماية رعيتها والحفاظ على تعاليمها من خلال تنشئة الاطفال عليها.

    لم يكن إنشاء المؤسسات التعليمية الخاصة، الاسلامية او المسيحية في لبنان يعني تفلت هذه المؤسسات من اية رقابة حكومية، ولم يكن هذا يعني ايضا ان مسألة التعليم أصبحت برمتها في أيدي الطوائف والقطاع الخاص في لبنان. كل ما في الامر ان التعليم الرسمي الحكومي الذي أقامته دولة الإستقلال لم يكن قادراً على استيعاب وتغطية كافة القرى والبلدات اللبنانية، كما انه لم يعتبر مسألة التعليم الديني إلزامية وفي صميم المنهاج التربوي التعليمي للمدارس الرسمية الحكومية والشهادات الرسمية، فمثل هذا النوع من التعليم في المدارس الحكومية التي تضم طلاباً من مختلف الطوائف والمذاهب يثير الكثير من المشاكل والحساسيات، فضلاً عن الإشكاليات الإجرائية في عملية التعليم ذاتها التي تتطلب فصل الطلاب الى شعب خلال حصص الدين، وهو أمر غاية في الصعوبة والاحراج في مجتمع شديد التنوع الطائفي كلبنان. لذلك أوكلت مهمة التعليم الديني الى المؤسسات الوقفية الدينية لكي ترسل أساتذة للتعليم الديني وترك الامر لمدراء المدارس لتنظيم هذا الامر وتنسيقه مع المجالس الوقفية في المناطق التي كانت تتصرف حسب الظروف والإمكانيات.

     مع ذلك كان هناك شيء من الالتباس في مسألة التعليم الديني في المدارس الرسمية الحكومية، فالمرسوم رقم (14528) الصادر في 23/5/1970 لا يلحظ ساعة للتربية الدينية للمرحلة المتوسطة في جدول توزيع الساعات، كما يحرم المرسوم (2151) الصادر في 16/11/1971 المرحلة الإبتدائية بكافة صفوفها من ساعة التربية الدينية، وهو مرسوم بقي سارياً حتى تم تعديله بعد اعتراضات عديدة من خلال تعميم وزاري لا يتمتع بقوة المرسوم بتاريخ 21/12/1973. والالتباس نفسه شاب المرحلة الثانوية.

     هكذا بقي الامر إستنسابياً على صعيد التعليم الرسمي الحكومي، لذلك وجدت الطوائف في لبنان نفسها معنية بالدرجة الاولى بمسألة التعليم الديني، فعززت مؤسساتها التربوية التي تعني بالمنهاج التربوي الرسمي إضافة الى التعليم الديني والأخلاقي الذي ينسجم مع منظومة القيم التي تعتنقها.

        في المحصلة الإجمالية لمعطيات التعليم في لبنان قسمة بين قطاعين: رسمي وخاص. غير أن التعليم الخاص في لبنان في مرحلته الإبتدائية ينقسم حصراً الى فئتين المجاني وغير المجاني. ففي المدارس غير المجانية يدفع الاهل كامل الاقساط المطلوبة عن اولادهم دون مساعدة تذكر من الدولة، إلا بالنسبة للموظفين الذين يحصلون على منح تعليمية عن أولادهم، أما بالنسبة للمدارس المجانية الخاصة فيدفع الاهل اقساطاً رمزية، فيما تدفع الدولة مبلغاً معيناَ لادارة هذه المدارس عن كل تلميذ مسجل عندها في المرحلة المذكورة. وقد عمدت مختلف الطوائف اللبنانية، بل وحتى العديد من الجمعيات والمؤسسات الاهلية العلمانية والمدنية والافراد، الى تأسيس مثل هذه المدارس والاستفادة من مساعدة الدولة. الوضع اللبناني ليس فريداً من نوعه في هذا النوع من النظام، اذ تطبق دول اوروبية عدة برامج مساعدات مشابهة، رغم علمانيتها وعدم إعترافها بالطوئف.[12] والمحصلة إن حوالي ثلثي تلامذة لبنان ينخرطون في التعليم الخاص وأن أكثر من نصف المؤسسات التربوية العاملة هي بإدارة القطاع الاهلي والطوائف.

التعليم الديني على ضوء الهيكلية التربوية الجديدة: 

     في وثيقة الوفاق الوطني التي صدرت في 22/10/1989 التي أقرت في الطائف بالمملكة العربية السعودية والتي صدقها مجلس النواب اللبناني في 15/11/1989 والتي أدخلت لبنان في مرحلة جديدة من التسوية السياسية، تم التأكيد فيها على جملة من الإصلاحات والتعديلات في النظام السياسي اللبناني . إلا أن البند الثالث من الفقرة (ب) في الوثيقة أكد على ضرورة الانسجام بين الدين والدولة، وأكد الحق لرؤساء الطوائف اللبنانية بمراجعة المجلس الدستوري في أية مسألة تمس بالاحوال الشخصية او حرية المعتقد وممارسة الشعائر او حرية التعليم الديني.

   وحين أقرت خطة النهوض التربوي الجديدة في لبنان عام 1996، والتي تم فيها تحديث وإصلاح المناهج التربوية في كافة المراحل التعليمية، والتي تعتبر عملياً أول قفزة نوعية في المنهاج التربوي اللبناني منذ الإستقلال، تعاملت هذه الخطة مع موضوع التربية الدينية بشكل هامشي، حيث أكدت على ان: “نظرة اللبنانيين الى معنى الوجود تنبع اساساً من الاديان والتراث الروحي المتمثل بالديانات التوحيدية، وهو تراث ثمين يجب صونه وتعزيزه[13]… وفي موضوع الاهداف التربوية العامة أكدت الخطة الجديدة على تكوين المواطن المتمثل تراثه الروحي النابع من الرسالات السماوية، والمتمسك بالقيم والاخلاق الانسانية[14]

    إلا أن الهيكلية التعليمية الجديدة التي جاءت لترجمة هذه الاهداف والسياسات العامة التربوية الى برامج وإجراءات لم تعكس بدقة ما لحظته الخطة، وبرز ذلك من خلال :

-خلو الهيكلية من أي نص يؤكد إلزامية التعليم الديني في المدارس الرسمية.

-خلو جدول توزيع الساعات من حصة التعليم الديني إسوة ببقية المواد (مستند رقم :5 ص57-58).

وقد أثار هذا الامر إعتراضاً واسعاً في الاوساط التربوية الاسلامية والمسيحية، الامر الذي أدى الى إستدراك الامر من قبل وزارة التربية وفتح المجال لادخال المادة بشكل إستنسابي وليس إلزامي.

   لكن المعارضة الشديدة من رجال الدين وجمهور واسع من الناس اضطرت الدولة الى العودة عن قرارها، وذلك بقرار من مجلس الوزراء بتاريخ 10/11/1999 وهذا نصه: “خلافاً لأي نص آخر، يخصص للتربية الدينية، في مراحل التعليم العام، ما قبل الجامعي، في المدارس الرسمية حصة دراسية كاملة اسبوعياً من أصل الحصص المخصصة للفنون والنشاطات المتنوعة في جداول التوزيع الأسبوعي للمواد التعليمية الملحقة للمرسوم 20227 تاريخ 8/5/1997.

 ولكن هذه الاستنسابية بقيت رهن أمزجة مدراء المدارس، فمادة التربية الدينية تحولت في المنهاج الجديد الى مادة إختيارية طوعية يحدد ضرورتها المدير وفقاً لجدول توزيع الساعات لباقي المواد من جهة او وفق رغبة شخصية وإعتبارات خاصة، الامر الذي أدى الى ان بعض المشاكل والضغوط بين مجالس الاوقاف ولجان الاهل من جهة في بعض الاحيان وبعض ادارات المدارس من جهة أخرى. إلا أن الايجابية التي يمكن تسجيلها في هذا المجال، ان وزارة التربية عمدت الى حصر تعيين أساتذة التربية الدينية بمجالس الاوقاف حصراً، بعد ان بدأ الامر يتفلت منها قبل ذلك، حيث راحت بعض الجمعيات والاحزاب الدينية بحجة تعليم الدين توفد أساتذة الى المدارس الرسمية، وكانت هذه إشارة خطيرة تمثل بداية لتقاسم التيارات الدينية ما عجزت عنه الأوقاف الإسلامية، مع ما يعنيه ذلك من توجيه ديني يتناسب والخلفيات السياسية والايدولوجية لهذه التيارات، وبالتالي خروج التعليم الديني عن مساراته العلمية ليصبح تعليماً وظيفياً موجهاً ومؤدلجاً.

 – واقع التعليم الديني الإسلامي في المدارس الرسمية :

      يتولى الإشراف على التعليم الديني في المدارس التابعة لوزارة التربية المرجعية الدينية التي ينتسب اليها غالب تلاميذ كل مدرسة، فبوجود الأغلبية السنية تتولى الأوقاف الإسلامية هذه المسؤلية، وفي حال الأغلبية الشيعية تقوم لجنة التعليم الديني التابعة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بهذا العمل وهكذا الحال بالنسبة لبقية الطوائف والمذاهب وبحسب التوزيع الجغرافي لأغلبية سكان المنطقة التي توجد فيها المدرسة.

      والواقع أن المديرية العامة للاوقاف الإسلامية السنية، نظراً لضعف الامكانيات فإنها تعاني عدة مشاكل تتعلق بالتعليم الديني منها:

–       العجز عن تغطية قسم كبير من المدارس الرسمية نظراً لضعف إمكانياتها.

–       إفتقارها الى إدارة متخصصة تتولى عملية إختيار المناهج ووضع الكتب وتعيين المعلمين ومتابعتهم.

–       إنخفاض مستوى معلمي التربية الدينية لعدم تفرغهم للوظيفة، وعدم الاستقرار الوظيفي يوّلد ضعف الاهتمام بالتعليم الديني.

والواقع أن هناك تفاوتاً كبيراً بين عدد المدارس التي تغطيها الأوقاف بالتعليم الديني، والتي بلغ مجموعها العام حوالي 318 مدرسة في إحصاء قدمه مدير عام الأوقاف الإسلامية[15] وهي تمثل أقل بكثير من 50% ، من المدارس الرسمية، فهي في عكار تغطي 36 مدرسة بينما في طرابلس تغطي 136 مدرسة وفي بيروت 58 مدرسة وفي صيدا 18 مدرسة. في حين هناك مناطق يغيب عنها التعليم الديني مثل حاصبيا وجبيل والبترون. هذا طبعاً الى جانب التعليم الثانوي الذي تتهرب غالبية إداراته من إعطاء ساعة التعليم الديني بحجة كثرة المواد العلمية. كما يشكو مدير عام الأوقاف من مسألة أيام العطل حيث يطرح المسألة المتعلقة بيوم الجمعة، حيث بدأت مدارس رسمية بالتدريس يوم الجمعة والتعطيل يومي السبت والأحد زاعمة أن العطلة في يومين متواليين هي أفضل للمعلمين الذين يأتون من خارج المنطقة، والتعليم يوم الجمعة يحرم الطالب المسلم من صلاة الجمعة وهذا يتناقض مع مضمون مادة التعليم الديني، فكيف نعلم الطالب الصلاة ونمنعه من آداء صلاة الجمعة؟[16]

      يثير التعليم الديني الذي تشرف عليه الأوقاف الإسلامية عدة مشاكل أدت الى إضعاف التعليم الديني يمكن إجمالها بـ :

–       إن عدم إلزامية مادة التربية الدينية يفتح الباب واسعاً أمام مزاجية مديري المدارس، فمن مدير يقررها الى آخر يلغيها..

–       شخصية المدرس وكفاءته العلمية وثقافته وقدرته على التأثير بالطلاب وإمتلاكه لمهارات التعليم الحديث بما يتوافق مع علوم العصر، وبعيداً عن التلقين والحشو مع الإستعانة بالتقنيات ووسائل الايضاح والتكنولوجيا.

–       عدم رقابة إدارة المدرسة على نشاط مدرس التربية الدينية، إذ يعتبر مدير المدرسة أن لا علاقة له بمدرس الدين، إن لإعتباره فوق الرقابة من باب الإحترام، أو لمرجعيته الإدارية خارج وزارة التربية، وبطبيعة الحال يتبع عدم الرقابة غياب التقويم لنتائج عمله.

–       إنعدام الرقابة من قبل دائرة الأوقاف الإسلامية على عمل مدرس التربية الدينية ودائرة الأوقاف هي الدائرة المسؤولة عن تعيين المدرس وهي التي تدفع له بدل التدريس.

–       عدم إستقرار الوضع الوظيفي لمعلمي التربية الدينية، يؤدي الى عدم الفعالية لديهم، فمدرس التربية الدينية هو مدرس متعاقد بالساعة عموماً، يتلقى اجراً على الحصة الفعلية التي يدرسها، وما يتقاضاه هو ربع ما يتقاضاه مدرس اي مادة أخرى من زملاءه المتعاقدين مع الدولة او أي مدرسة خاصة.

–       عدم وجود منهج واضح ومحدد من قبل المراجع الدينية، وترك الحرية الكاملة للمدرس ليختار ما يشاء لطلابه من الكتب الموجودة في السوق، وهي كتب تهدف الى إعطاء حد معين من الثقافة، يشمل الفقه والحديث والسيرة والقرآن. أما لجهة الطائفة الشيعية فتبدو الصورة في السنوات الأخيرة أكثر إنتظاماً، إن لجهة التغطية المتكاملة للمدارس الرسمية، او لجهة التحسين الذي بدأ يطرأ على مستوى معلمي التربية الدينية منذ إفتتاح دار معلمي التربية الإسلامية، عام 1977 وعدد من المؤسسات المشابهة التي تعني بالتربية الدينية، إلا إن الإنجاز الاهم هم ما تحقق لجهة محتوى مادة التربية الدينية الإسلامية كما وضعتها لجنة التربية الدينية التابعة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وهو المجلس المعني حصراً بتنظيم شؤون الطائفة الشيعية إستناداً لقانون رقم 72/67 تاريخ 19/12/1967 والذي تنص المادة 28 من نظامه الداخلي على أن الهيئة الشرعية للمجلس تتولى العمل على تعميم التعليم الديني في المدارس، ووضع برامج متطورة صحيحة، وتأليف كتب، وإيجاد دورات للمتعلمين تحقيقاً للغاية المذكورة.

     والواقع أنه لم يسبق لأي من العائلات الروحية في لبنان أن أقدمت على وضع منهج لتعليم مادة التربية الدينية يكون متماسكاً ومتناسقاً وفقاً لغايات تربوية واضحة ومحدودة، فهناك كتب تعليم ديني بلا مناهج، إذ ليس هناك تعددية دينية ومذهبية فحسب، بل هناك تعددية في التعليم الديني وفي التوجيه الإيماني ضمن المذهب الواحد، وهذه التعددية قابلة للتزايد بتزايد عدد مؤلفي الكتب[17] لأن كل مؤلف ينطلق في كتابه إستناداً الى الخلفية الفقهية التي يعتمدها. والكثير من الكتب لم يراع فيها قدرات التلميذ ومستوى نموه العقلي واللغوي والإنفعالي والإجتماعي، كما إنها لا تراعي ما يكتسبه التلميذ من معارف في مواد التدريس الأخرى، ولا تتآلف مع المعارف المطروحة مع سائر مواد التدريس، ولا يعتمد في أساليب الشرح مهارات وتقنيات جاذبة وتكنولوجيات أصبحت متوفرة ومستخدمة في باقي المواد، مما يجعل تعليم الدين غريباً او دخيلاً على الحياة المدرسية، كما أن كتاب ” المعلم ” المخصص للأساتذة والمرشد لهم في مادة التربية الدينية غائب تماماً، الأمر الذي يجعل من هذه المادة ميدان لكي يجرب الأساتذة مواهبهم في الطلبة، وهي في الغالب تجارب لا تجد لها حظاً من النجاح، بحيث تحولت حصة التربية الدينية بالنسبة للطلاب عرضة لكل أنواع التهرب والإستهتار.

   والواقع أن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قد خطى خطوة هامة لجهة وضع منهج تجريبي لمادة التربية الدينية وإعداد كتب للمعلمين والتلاميذ. ووضع هذا المنهج موضع التطبيق للمرحلة التجريبية الأولى للروضات عام 1990 وتلتها طبعات لسنوات المرحلتين الإبتدائية والمتوسطة، كما وضعت لجنة التربية والتعليم في المجلس نفسه منهجاً للمرحلة الثانوية، وهم يعملون على تطوير هذه الكتب. ومراجعة محتوى المنهج المعتمد[18] تبين بالفعل إنه خطوة متقدمة نحو صياغة برنامج متطور للتعليم الديني الإسلامي في لبنان. في المقابل لا يزال التعليم الديني الذي تشرف عليه الأوقاف الإسلامية السنية بلا محتوى منهجي حديث، ولا يزال يعتمد على كتب قديمة قررت في الخمسينات، ولم ينجح في إعتماد منهج حديث مماثل حتى الآن.[19]

     أما المدارس الخاصة التي يقصدها حوالي ثلثا التلامذة في لبنان، فالتعليم الديني الإسلامي مقصور على المدارس الإسلامية، كمدارس جمعية المقاصد والإيمان وغيرها من المدارس في إطار الطائفة السنية والجمعية العاملية ومدارس المصطفى والمهدي وغيرها في إطار الطائفة الشيعية. وبدءاً من السبعينات تكاثرت المدارس الإسلامية التي أنشأتها التيارات الدينية الإسلامية، فالجماعة الإسلامية أنشأت عدداً كبيراً من المدارس من خلال جمعية التربية الإسلامية تحت أسم مدارس الإيمان في طرابلس وعكار والضنية وإقليم الخروب وصيدا والبقاع الغربي، وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية أنشأت عدداً تحت إسم الثقافة الإسلامية ( حوالي 15 مدرسة ومهنية ) فضلاً عن عشرات الجمعيات الإسلامية التي أنشأت لها مدارس مثل جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية ومدارس البيادر ومدارس جمعية الفتوة وجمعية الاصلاح والجنان وغيرها فضلاً عن الجامعات في مختلف المحافظات اللبنانية وخاصة في طرابلس وبيروت وصيدا. إلا أن الأمر الاكثر بروزاً كان في الساحة الشيعية والذي ترافق مع نجاح الثورة الإيرانية ونمو ظاهرة حزب الله في لبنان، والذي وجد ترجمته على الصعيد التربوي في لبنان من خلال مؤسسات حزب الله الذي أقام شبكة ضخمة من المدارس، فضلاً عما أقامته حركة أمل، ومرجعيات شيعية أخرى مثل السيد محمد حسين فضل الله والسيد محمد مهدي شمس الدين وغيرهم، فنشأت جمعية المبرات الخيرية (1977) ومؤسسة التربية والتعليم (1993) وجمعية الإمداد الخيرية التي كانت باكورة مدارسها عام 1992 ومؤسسة الشهيد التي دخلت الميدان التربوي عام 1993.

   وشهدت مرحلة الثمانيات موجة من نماذج مدرسية شرعية لدى السنة والشيعة، فإفتتحت العشرات من “الحوزات” في الجنوب والبقاع، وهي المخصصة لطلاب العلم الشرعي الديني، والممولة تمويلاً جيداً، وهي تزامنت مع إفتتاح وتدشين العشرات من المعاهد والمدارس الشرعية السنية، وقد كان عدد هذه المدارس قبل ذلك محدوداً، فقد كان أزهر لبنان التابع لدار الفتوى فب لبنان وقسم الشريعة في المقاصد ودار التربية والتعليم الدينية في طرابلس، وبعض الحوزات المحدودة العدد في الجنوب تتخصص في إعداد الطلاب للعلم الديني قبل إرسالهم الى الأزهر الشريف بالنسبة للطلاب السنة لمتابعة الدراسة او الى النجف بالنسبة للشيعة. إلا أن هذا الأمر قد تغير. فما عاد الأزهر مقصد خريجي المعاهد الشرعية الإسلامية في لبنان، بل أن بعض هذه المعاهد أصبح لديه إما مرجعيته العلمية الخاصة حيث يخرج ويمنح طلابه الشهادات العليا، او يتمتع بعلاقات مع دول خليجية فيرسل طلابه اليها لمتابعة دراستهم العليا وخاصة فيما يتعلق بالمعاهد السلفية، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالنسبة للطلاب الشيعة لم يعد النجف المرجعية العلمية الوحيدة، فقد أصبح للطائفة كلياتها وجامعاتها، وأصبح لديها في ” قم ” بديلاً عن النجف الأشرف[20] . وقد تم إنشاء العديد من الجامعات الإسلامية للسنة والشيعة في بيروت وطرابلس وغالبيتها أصبح يتضمن أقساماً للدراسات العليا في الشريعة والفقه وأصول الدين.

    هكذا برزت مشكلة جديدة تحت عنوان ” حرية التعليم الديني “، حيث راحت بعض التيارات والأحزاب الدينية، ومن خلال جمعيات تربوية أنشأتها وأوقاف قامت بتخصيصها لإنشاء مدارس للتعليم الشرعي، فنشأت عشرات المعاهد والمدارس الدينية الشرعية التي لا تلتزم بالمنهاج الرسمي للدولة كما بقية المدارس الخاصة، ولا تلتزم بالتالي بأي منهج للتعليم الديني سوى المنهج الذي تضعه هي بما يناسب المنظومة الفقهية التي تعتنقها، الأمر الذي أدى في ظل الفوضى التي مر بها لبنان وضعف مؤسسات الدولة الى إنتشار مثل هذه المدارس بشكل فوضوي، والتي أخذت تنشر تعاليم ومفاهيم لا إجماع عليها حتى ضمن المذهب الواحد، حتى إن بعضاً منها أخذ يدرس مواداً خلافية تبث الفرقة بين المسلمين السنة والشيعة، الأمر الذي أدى الى تدخل مجلس الوزراء وإغلاق إحداها عام 2000 [21]. ومن تداعيات هذا المشهد التربوي ان التيارات الدينية الإسلامية الرئيسية في لبنان أصبح لديها مدارسها ومراكزها الإجتماعية والصحية، وبعضها أصبح لديه جامعات خاصة به، وأصبح لديه معاهد خاصة لتخريج رجال الدين من مشايخ وعلماء، يتنافسون للسيطرة على المساجد والمواقع الدينية، في ظل ضعف متزايد لدار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أمام التيارات الدينية السياسية الصاعدة على المستوى التربوي الخاص.

     المشهد الإسلامي التربوي العام يشوبه الكثير من الفوضى في لبنان والتعليم الديني في الهيكلية الجديدة التي أقرتها وزارة التربية هامشي الى حد بعيد، والواقع ان هذا الأمر كان مدعاة إهتمام الكثير من الفاعليات الإسلامية، ولعل المؤتمر التربوي الإسلامي الذي عقد عام 1996 في مدينة طرابلس عقب إقرار خطة النهوض التربوي من أهمها، فالتوصيات التي صدرت عنه حظيت بموافقة عدد كبير من الهيئات والجمعيات الإسلامية السنية والشيعية الفاعلة والمؤثرة، وكان أهمها إقرار إلزامية التعليم الديني بمعدل حصتين أسبوعياً في جميع المدارس الرسمية والخاصة في جميع المراحل ولجميع الصفوف وإعتبار التعليم الديني مادة أساسية يتوقف عليها النجاح والرسوب وتدخل في بطاقة العلامات المدرسية والشهادات الرسمية، فضلاً عن مطالبتهم بإقرار بكالوريا دينية كسائر فروع البكالوريا وإستحداث دور لمعلمي التربية الدينية المسيحية والإسلامية، ومطالبتهم وزارة التربية الإعتراف بالإجازات الجامعية التي تمنحها كليات ومعاهد الشريعة الإسلامية التي نشأت حديثاً وإعتبارها إجازات تعليمية وتحديد الراتب على أساس ذلك، ومطالبتهم وزارة التربية بأن تعهد للمراجع الإسلامية الرسمية بإعداد كتاب إسلامي موحد لمادة التربية الدينية[22] …، وكل هذه التوصيات وغيرها لم يتحقق منها شيء، سوى بعض المرونة في إدخال مادة التربية الدينية الى بعض المدارس الرسمية. 

معطيات التعليم الديني المسيحي وإشكالياته:

    التعليم الديني المسيحي في لبنان يملك تقاليد أكثر عراقة على الصعيد التربوي، فالكنيسة المارونية تملك ما يقرب من 141 مؤسسة تربوية تتوزع ما بين 120 مدرسة إبتدائية ومتوسطة وثانوية و17 مدرسة ومعهداً مهنياً وتقنياً و4 جامعات كبيرة في لبنان. والقسم الأكبر التابع لهذه الكنيسة هي مدارس خاصة مجانية (49 مدرسة)[23]، وقد ساهمت الكنيسة المارونية خلال العام الدراسي 1995 – 1996 بتعليم 78786 تلميذاً أي حوالي 14 بالمئة من مجموع تلامذة التعليم العام ما قبل الجامعي في القطاع الخاص. وقد توزعت هذه المؤسسات على منظمات الكنيسة الدينية منها 42 مؤسسة حصة الأبرشيات و70 مؤسسة تابعة للرهبانيات النسائية و29 مؤسسة مثلت نصيب الرهبانيات الرجالية[24].

   أما التعليم العالي، فالكنيسة المارونية تملك مؤسسات تعليم عالٍ هي جامعة الروح القدس – الكسليك للرهبانية اللبنانية، ومعهد الحكمة العالي لتدريس الحقوق التابع لأبرشية بيروت، وجامعة سيدة اللويزة للرهبانية المريمية، ثم أضيفت إليها جامعة الآباء الأنطونيين التي أسستها الرهبانية الأنطونية[25]. وقد استقطب التعليم العالي حوالي ستة آلاف طالب عام 1996 وهو يتزايد بشكل لافت بعد افتتاح كليات تطبيقية وفروع جديدة. ويمكن القول ان هذه الجامعات تساهم بفعالية في إعداد النخب القيادية للمجتمع اللبناني.

   أما الكنيسة الأرثوذكسية فهي تملك 22 مؤسسة تربوية (وفق معطيات العام 2000)، وغالبية مدارسها الإبتدائية هي مدارس مجانية، وهي توزعت كالتالي 17 مدرسة في قطاع التعليم العام ما قبل الجامعي و3 مدارس ومعاهد فنية وتقنية ومؤسستان جامعيتان هما جامعة البلمند والأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ALBA) وهذه المؤسسات المدرسية أمنت التحصيل العلمي لـ 14557 تلميذاً، بينما استقطبت المؤسسات الجامعية ما يزيد عن الألفي طالب، وتعتبر جامعة البلمند اليوم من الجامعات البارزة في لبنان[26] .

   أما فيما يتعلق بمحتوى مادة التعليم الديني، فالكنيسة قد تخطت إشكالية التعدد، فقد أنجزت المدارس الكاثوليكية كتاب موّحد للتعليم الديني، فقد كان في السابق يوجد كتاب أو منهج لكل رهبنة، كذلك الأمر على مستوى الكنيسة الأرثوذكسية، وهو كتاب يلتزم به أساتذة التربية الدينية دون أن يكون ملزماً للطلاب، ويخضع أساتذة التعليم الديني وهم في الغالب من رجال السلك الكهنوتي لدورات تدريبية في أصول التربية الدينية تنظمها لجان متخصصة في الكنيسة. وبطبيعة الحال لا يقل حرص الكنيسة على تغطية التعليم الرسمي بالتعليم الديني المسيحي عبر إيفاد رجال الدين من قبلها وعلى نفقتها عن بقية الطوائف. يبقى بعض الإشكالات الناشئة عن الاختلاط السكاني والطائفي، حيث يكون في بعض المدارس طلاباً من الطائفة المسيحية ولكن من مذاهب متعددة، لذلك يتحول الدرس عندها إلى عظات أخلاقية ويغيب ما يخص اللاهوت الكنسي الخاص.

   لا شك أن التعليم الديني المسيحي أكثر انضباطاً وتماسكاً، وما تملكه الكنيسة المارونية والكاثوليكية والأرثوذكسية عموماً من معطيات تربوية مباشرة لا يقارن على الإطلاق بما تملكه بقية الطوائف، الأمر الذي ساهم فيه وجود جهاز ديني يضم جيشاً من المتفرغين والمتخصصين في مجالات متعددة، وجعل بالتالي وضع الطائفة المارونية بالتحديد وضعاً متميزاً في علاقتها بالكنيسة في لبنان.

كتاب التعليم الديني: المحتوى والمضمون

   تعتمد الطوائف والجهات التربوية المشرفة على المدارس الخاصة التابعة لجمعيات دينية كتباً للتعليم الديني في المدارس قام بتأليفها عدد من المؤلفين، وقد وقفت وزارة التربية موقفاً محايداً في هذا الموضوع وتركته بكامله للجهات الدينية، فلم تصدر كتباً ولم تحدد منهجاً، وكل ما فعلته إنها حددت بعض الضوابط العامة بحيث تمنع التعرض للأديان والمذاهب الأخرى بالسوء.

    وكتب التربية الدينية، لا تتبع الموضوعات نفسها في سلاسلها، بل تختلف الموضوعات في الصف نفسه بين سلسلة وأخرى، وفيما يلي بعض الكتب المتداولة للتدريس:

–       الكتب المتداولة في التعليم المدرسي الإسلامي: سلسلة “الإسلام رسالتنا” وهي من أوسع السلاسل انتشاراً التي تتولى جمعية التعليم الديني الإسلامي التعليم الديني فيها، وهي سلسلة كاملة من صف الروضة حتى الثانوي، وكتاب “التفسير التربوي” للصفوف الثالث والرابع والخامس الإبتدائي الصادر عن جمعية التعليم الديني الإسلامي، ويتضمن تفسير لبعض السور القرآنية، سلسلة كتب “التربية الدينية” الصادر عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، كتاب “المبادئ الإسلامية” من وضع جمعية المقاصد الإسلامية للمرحلة الإبتدائية، وكتاب “التربية الإسلامية” من وضع الشيخ فيصل مولوي للمرحلة المتوسطة ومعتمد في الثانوية ومعتمد أيضاً في المقاصد، سلسلة “الحديقة الدينية للأطفال”، سلسلة “الثقافة الدينية”، سلسلة الهداية، سلسلة الإسلام ديني، مناهج الشريعة الإسلامية للصفوف الثانوية، “الإسلام دين وحياة” لمجموعة من الأساتذة ومراجعة السيد عبد الحسين شرف الدين، “جزء عمّ المفسر” لسميح الزين وكامل سليمان، “وجزء عمّ الميّسر” للشيخ محمد هويدي، كتب التفسير القرآني للأستاذ عفيف طبارة، سلسلة في التربية الإسلامية تحت عنوان أشبال الإسلام للمرحلة الإبتدائية وفتية الإسلام للمرحلة الثانوية للدكتور عبد الرحمن عثمان حجازي.

–       الكتب المتداولة في التعليم المدرسي الديني المسيحي: سلسلة يسوع طريقنا التي أعدها مركز التربية الدينية في جمعية راهبات القلبين الأقدسين للمرحلتين الإبتدائية والمتوسطة من إعداد الأخت وردة مكسور والأب هاني الريس، وسلسلة لجنة التعليم الديني الأرثوذكسي وهي من ثلاث أجزاء تخص المرحلة الإبتدائية، سلسلة تعال اتبعني للأخت روجيه عازار صادر عن المكتب التربوي لراهبات العائلة المقدسة المارونيات وهي سلسلة حتى الرابع الإبتدائي، وسلسلة طريق المحبة للرهبانية اللبنانية المارونية، سلسلة “حبّة الحنطة” للأخت ماري رينه ديراني من راهبات المحبة، وسلسلة “ملاقاة يسوع” وسلسلة الرب نوري وخلاصي للأب فرنسيس الحكيم والسلسلة المسكونية للتنشئة المسيحية من منشورات المكتبة البوليسية للمرحلة الثانوية، سلسلة كتب سيدة العطايا، منشورات الرابطة الكهنوتية، منشورات الخوري ميشال عويط[27].

     في تحليل معطيات هذه الكتب توصل د. طلال عتريسي[28] في تحليله لأربع من سلاسل كتب التعليم الديني المدرسي في المرحلة المتوسطة وهي (الاسلام رسالتنا، التربية الإسلامية، يسوع طريقنا، سلسلة التعليم الديني الأرثوذكسي) إلى أن كتب التعليم الديني اهتمت بتقديم صورة واضحة عن “الذات والإنتماء” على الصعد كافة العقائدية والتربوية ومن خلال السيرة والتاريخ والطقوس، بما يؤسس لوعي التلميذ وإدراكه عن نفسه أو الدين الذي ينتمي إليه، أما بالنسبة لصورة “الآخر” المسلم أو المسيحي، فقد غابت من كتب التعليم الديني كافة، وما ورد عن بعض الأنبياء أو الكتب المقدسة، أو أماكن العبادة عند المسلمين أو عند المسيحيين في هذا الدرس أو ذاك، لا يعبر بأي حال عن صورة هذا الآخر، ولا يسمح بالتعرف على معتقده، ولكن في الوقت نفسه لم تقدم هذه الكتب صورة سلبية مباشرة عن الدين أو المذهب أو عن المذهب الآخر، وبالتالي أصبح تشكيل تلك الصورة عن “الآخر” منوطاً بدوائر أخرى، كالبيت والإعلام ودور العبادة. ويخلص الباحث إلى أن المساحة المشتركة الأوسع بين هذه الكتب كانت في الموضوعات التربوية الأخلاقية التي ركزت على الفضائل الحميدة والسلوك المستقيم والعلاقة مع الله والتضحية والإيثار وأهمية العائلة والتواضع وغير ذلك، وتتفق حول مصدر الخلق الذي هو الله وتلتقي في فهمها لمهمة الأنبياء كمنقذين للبشرية، إلا أنها لم تطرح على نفسها مهمة توطيد أركان العيش المشترك على الرغم من أنها لم تحض على العداء أو تعمم مفاهيم الإنقسام.

   إلا أن الدكتور شربل انطون[29] قد توصل في تحليله لـ 77 كتاباً من كتب التعليم الديني المدرسي الى تحديد أربعة عناصر لم يخل منها كتاب مع التفاوت في نسب وجودها بين هذا الكتاب وذاك وهي:

–       التركيز على الذات الدينية كثيراً: لأن هدف الكتب تعليم دين محدد لأناس يعتنقونه مبدئياً، لكن يعض هذه الكتب وقعت في نوع من الكيانية المغلقة التي لا تتسع للآخر المختلف دينياً، وجعلت “الانا” مستوعباً يتسع لكل الصفات الجميلة.

–       التركيز على الاخلاقيات: وهي من خلال تركيزها على إكساب التلاميذ أخلاقيات ومفاهيم حياتية، أصبغتها أصولاً دينية، مشددة على أن التقيد بها جزء لا يتجزأ من الدين.

–       تعليم العقيدة الدينية: بعض هذه الكتب أفرط في العقائدية في تركيزه على تعليم التلاميذ العقيدة الدينية كاملة، بحيث أصبح الدين عقيدة جامدة، تتأكد خصوصيتها ونهائيتها في تعارضها المطلق مع أي عقيدة أخرى.

–       التعليم التلقيني: وهو ما تشترك معظم الكتب في اعتماده، فالدين مجموعة عقائد ومبادئ للحفظ غيباً من قبل التلميذ، مع بعض التمارين والأعمال البسيطة لتأكيد ذلك الحفظ.

سجالات حول التعليم الديني:

     ثمة نقاش متصل في لبنان بين المؤيدين والمعارضين للتعليم الديني في المدارس، فالمؤيدون يرون أن الهدف من التعليم الديني هو الوصول بشخصية الإنسان الى النضج والوعي الكامل من خلال تربيته على الفضائل والأخلاق السامية، من خلال الأرتباط بالله، وهم يرون أنه لا يمكن فصل التربية الدينية عن التربية المدرسية، لأن المدرسة تهتم ببناء الإنسان وإعداده وتدريبه وهذه من أولى مهمات الدين. وهم يرون أنه لا يمكن استبدال مادة التعليم الديني بأي مادة أخرى سواء كانت مادة أخلاق أو حضارات أو تربية مدنية أو اجتماعية إذ أنه في نظرهم يعتبر الدين أوسع وأشمل من أن يحصر في الأخلاق أو غيرها فقط، لأن ذلك تحديداً وحصراً للدين في جانب واحد، كما أنهم يعتبرون أن الأسس الأخلاقية السليمة لا يمكن معرفتها إلا من خلال الدين. ومع أصرارهم على أهمية التعليم الديني المدرسي كمادة ضمن المنهج التعليمي، إلا أنهم يعترفون بوجوب تطوير هذه المادة من حيث المضمون والأسلوب، وخاصة لجهة إعداد الأساتذة من الناحية النفسية والإجتماعية والعمل على تطوير كتب التعليم الديني وإضافة بعض المواضيع المهمة مثل التعرف على الأديان الأخرى.

    أما بالنسبة لمسألة توحيد الكتاب الديني بين جميع المذاهب، فمؤيدو التعليم الديني يرونه طرحاً مستحيلاً بل خارجاً عن هدفية التعليم الديني، لكنهم يختلفون حول إمكانية توحيد الكتاب لكل طائفة أو لكل مذهب، فمنهم من يراه ممكناً ولكنه صعب المنال والتحقق ويحتاج إلى جهود متأنية، ومنهم من يرى عدم لزومه إذ ليس لتعدد الكتب أثراً سلبياً في هذا المجال[30]. وهم لا يجدون أن التربية الدينية تؤدي إلى الطائفية ولا يمكنها أن تشجع أي عمل أو حسّ طائفي وإلاّ فهي ليست تربية دينية، لذلك فهم يزرعون في تلاميذهم بذور الانفتاح الحقيقي على الآخر من خلال معرفة الذات والثقة بالنفس ومحبة الله ومخافته.

   في المقابل ثمة من يرفض التعليم الديني برمته ويطالب بحصره في الجامع أو الكنيسة والبيت الأسري، لأن العبادة شأن خاص بالعائلة والطائفة ولا دخل للمدرسة به[31]، ويرى أصحاب هذه المقاربة أن إلزامية التعليم الديني تندرج ضمن إطار سلب الحرية الفكرية للرافضين لهذا التعليم وهذا يعتبر تعدياً على الحقوق المنصوص عليها في الدستور اللبناني. فرفض التعليم الديني المدرسي ينطلق من عدم استئثار كل طائفة بطلابها في مدرستها الخاصة لتلقينهم المفاهيم الدينية، لأن ذلك يؤثر سلباً على علاقات الطلاب ببعضهم، ويشوه صفة العيش المشترك، ويرون أن تثقيف الطالب دينياً يمكن عن طريق مادة التاريخ أو مادة الحضارات المقارنة أو الفلسفة، أما الجانب الأخلاقي فهو متوفر في مادة التربية المدنية، وهؤلاء ينظرون إلى المجتمع اللبناني المتنوع طائفياً باعتباره مجتمع أقليات، لذلك فإن خطر التعليم الديني المدرسي فيه يكون كبيراً قياساً إلى بلدان أخرى ذات أغلبية دينية معينة، فأغلب المدارس في لبنان، وخاصة في العاصمة بيروت، تضم تلامذة من طوائف متعددة، الأمر الذي يفرض تقسيمهم وتشعيبهم في ساعات التعليم الديني، وبالتالي فإن أول إنطباع يتكون عند المتعلم/التلميذ عن الدين هي التفرقة والتمييز والتقسيم.

    والواقع أن المناهج اللبنانية الجديدة التي صدرت بهيكليتها التربوية عام 1997 لم تتضمن منهجاً لمادة التاريخ. ولكن صدر في 10/5/2000 منهج لهذه المادة ووضعت على أساسه كتب مدرسية للصفوف الإبتدائية الأولى الثلاث، لكن ما لبثت هذه الكتب أن سحبت من التداول، وكلفت لجنة جديدة بوضع منهاج ثانٍ لهذه المادة. وما زالت المدارس اللبنانية تعلم حتى اليوم في كتب مدرسية لمادة التاريخ موضوعة استناداً الى منهج العام 1971. والخلاف الأساسي في موضوع منهج التاريخ ما زال يتعلق بأحد الأبعاد الثلاث للمواطنة: الهوية.

  باعتبار الهوية تشمل تحديد “من نحن”. ومن هم أجدادنا وأسلافنا، إذ ما زال اللبنانيون رغم ما ورد في اتفاق الطائف مختلفون حول الماضي وحول الهوية[32].

   أما كتاب التربية المدنية فيعاني منهجه من مشكلتين: التفكك واللاتوازن، وهذا ما يفضي إلى الاستنتاج بأن الكتب المدرسية وضعت من خلفية غير واضحة استناداً الى اجتهاد المؤلفين وليس نحو تحقيق أهداف محددة تتعلق بالسلوك وقيم المواطنة بشكل أساسي، وهذا ما يلقي ظلالاً من الشك حول وفاء هذه المادة بمعظم المحكات المواطنية التي حلل على أساسها المنهج، بما فيها تلك التي وردت في الأهداف العامة أو في الموضوعات[33]، وكانت سلسلة من الدراسات حول الطلاب الجامعيين قد بيّنت أن الاتجاهات السياسية تحكمها انتماءاتهم الطائفية أكثر مما تحكمها انتماءاتهم الجامعية[34]، ما يعني ان دور الأسرة في التنشئة السياسية ودور الطائفة في التنشئة الطائفية، أقوى من دور المدرسة في التنشئة الوطنية، وهذا يعني ان المدرسة لا تقوم كما يجب بالدور الذي تقوم به الأسرة عادةً، أي تزويد الطلاب بالمعارف والمهارات الفكرية المدنية والوطنية .

خلاصة

    يشكل التعليم الديني في مجتمع متنوع كلبنان إشكالية تربوية كبيرة، لكنه أيضاً جزءاً جوهرياً وتاريخياً من المشهد التربوي العام، فالطائفية والتربية تترك تأثيراً عميقاً في الاجتماع اللبناني، وإذا كانت الطائفية المتجذرة في بنى المجتمع ونفوس الأفراد وبنود المواثيق والاتفاقات والتشريعات والممارسات قد اعاقت الى حد بعيد الإستفادة من التنوع الروحي، بل وصلت خطورتها إلى درجة تهديد وحدة المجتمع وصيغة العيش الواحد بالتفكك والانقسام في محطات متعددة من تاريخه، الأمر الذي أدى الى إفقار مفهوم المواطنة وإفراغه من مضامينه التوحيدية الحقيقية ودفع بالتالي مكونات المجتمع الأهلي في لبنان الى البحث في مفردات الهوية ومحدداتها عند كل اختلاف وانقسام مهما كان شكله ومسبباته.

    لا شك أن الثقافة الدينية التي تتميز عن التعليم الديني، هي ضرورية لكل تعليم معاصر، فالدين، هو أيضاً ظاهرة اجتماعية يتجلى في نماذج وأشكال وممارسات حتى عندما يضعف الإيمان. ولكن السؤال أي نوع من الثقافة الدينية يحتاج إليه مجتمع متنوع الأديان والمذاهب؟ والهوية المواطنية الواحدة؟ وبالتالي ما هي الضمانات كي لا يتحول التعليم الديني ميدان احتراب مستتر، وتنافس يعكس حرباً باردة بين الطوائف قد تتحول إلى ساخنة عند أي خلاف أو انقسام؟ هذه الأسئلة الصعبة تتطلب الإجابة عليها مقاربة من نوع جديد تتجاوز المقاربة التقليدية كما تتجاوز المقاربة الاستبعادية التي تحصر الدين في المنزل أو الجامع والكنيسة. وهو تجاوز يفترض أن يفتح أبعاداً جديدة بإتجاه رؤية جديدة للتربية الدينية في المجتمع المتنوع يكون عمادها التسامح والمحبة وقبول الآخر واحترام خصوصيته وقيمه.

   ثمة رغبة تاريخية ثابتة ومؤكدة عند كل الطوائف في ممارسة التعليم الديني لأبناء مللهم، لكن درجة اهتمامهم وحسن تنظيمهم له وسعة انتشاره تتفاوت بينهم حسب العديد من المؤثرات في المقابل ثمة خوف وتردد من قبل الدولة للتدخل في هذا المجال لذلك ، يبقى الموضوع في لبنان مفتوحاً للنقاش بين مؤيد ومعارض للتعليم الديني المفتوح للطوائف والمحصور بيدها فقط وبين من يطالب بحصر التعليم الديني بالدولة عبر كتاب موّحد لتعليم القيم الحضارية الدينية المشتركة بعيداً عن الطوائف والمذاهب، بحيث تبقى المدرسة الرسمية هي الجامع المشترك بين اللبنانيين.. وهو نقاش لم يغلق بعد..؟


 [1] انظر كتابنا السلطة في بلاد الشام، دار النفائس، 1993، ص 182-183 والفصل المخصص للنظام المدرسي العثماني في ولايات الشام، ص169.

[2] حسين القوتلي، التعليم الإسلامي في المدارس الرسمية، كتاب لبنان والتربية الإسلامية، ج1، د.ط، جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، بيروت، 1981، ص52.

[3]  البرت حوراني: الفكر العربي في عصر النهضة: دار النهار للنشر، بيروت، ط 3، 1977، ص 128-129.

[4]  وهيب قدورة: كلية التربية والتعليم الإسلامية في طرابلس، التأسيس والدور التربوي- الإجتماعي رسالة دبلوم معمقة في علم إجتماع التربية / الحامعة اللبنانية معهد العلوم الإجتماعية/ 1983،ص28..                                                                                                                 – هلا سليمان: دور الإرساليات الأجنبية في مدينة طرابلس، رسالة ماجيستير في التاريخ، جامعة القديس يوسف،1982.                                  

 [5] مفيد ابو مراد: التعليم مجاني، حكاية منذ العهد العثماني، النهار في 9/12/1982.

[6]  عبد اللطيف اسوم: المدارس الحكومية في طرابلس في الربع الاخير من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، رسالة كفاءة في التاريخ، كلية التربية في الجامعة اللبنانية، 1977، ص 13.                                                                                                               

[7]   لمزيد من التوسع في هذا الجانب راجع خالد زياده: اكتشاف التقدم الاوروبي، دار الطليعة، بيروت، 1981.

[8] عبد العزيز محمد عوض: الادارة العثمانية في ولاية سوريا، دار المعارف بمصر.

[9]  رضوان السيد: المسلمون في لبنان: الحياة الدينية والثقافية انظر Almul taha.net

[10] نبيل قسطنطين ، مسار التعليم الديني المدرسي في تاريخ لبنان، من منشورات الجامعة الأميركية، بيروت، 2000، ص13.

[11]  نبيل قسطنطين، م.س، ص15.

[12] نقولا يوسف سماحة: الكنيستان الرونية والارثوذكسية، في مجال الخدمة الاجتماعية، دراسة سوسيولوجية مقارنة في النطاق اللبناني (1975-1995)، اطروحة دكتوراه لبنانية، الجامعة اللبنانية، معهد العلوم الاجتماعية ، 2003،ص 165.

[13] خطة النهوض التربوي في لبنان الصادرة عن وزارة التربية (1996)، الفقرة ج، ص 6

[14] المرجع السابق: الفقرة ج ، ص 9.

[15] د. مروان قباني : واقع التعليم الديني في لبنان، معهد طرابلس الجامعي للدراسات، طرابلس 1996، ص 124.

[16] د. مروان قباني : المرجع السابق، ص 125.

[17] يوسف مروه: مناهج التعليم لمادة التربية الإسلامية كما وضعتها لجنة التربية الدينية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، معهد طرابلس الجامعي، أعمال المؤتمر التربوي الإسلامي، 1996،ص 155                                                                         .

[18] أنظر : المؤتمر التربوي الإسلامي (1996)، جمعية الإصلاح الإسلامية، معهد طرابلس الجامعي للدراسات الإسلامية، طرابلس لبنان، الصفحات (158-171).

[19] المحاولة التي قام بها الدكتور مروان قباني لم تستكمل ولم يتم تبنيها من الأوقاف الإسلامية، مع إنه مديرها العام، ولا تزال مادة التربية الدينية تعتمد على كتاب الشيخ محمد بخاش بالنسبة لدوائر الأوقاف وهو كتاب تم إعداده في بداية السيتينات من القرن الماضي، وهو على أهميته يحتاج الى تحديث ومنهجية جديدة. ومن الكتب المعتمدة في التدريس “الثقافة الدينية” لمحمد طاهر اللاذقاني و”مناهج الشريعة” لأحمد العجوز في المرحلة الثانوية.

[20] أنظر : وضاح شرارة : دولة حزب الله، لبنان مجتمعاً إسلامياً، دار النهار، بيروت، 1996، 7                            

[21]جريدة الديار اللبنانية 7/1/2000                                                                                                                         

[22]  المؤتمر التربوي الإسلامي : المرجع السابق، ص 265 .                                                                                                      

[23] اميل مارون: الكنيسة المارونية، أي بنية؟ وأية دعوات؟ لأي دور في المجتمع اللبناني المعاصر؟ أطروحة دكتوراه في الجامعة اللبنانية، 1996، ص67 و 68.

[24] نقولا يوسف سماحة: مرجع سابق، ص178.

[25] المرجع السابق: ص198.

[26] نقولا يوسف سماحة: مرجع سابق، ص216.

[27] انظر في هذا المجال: هلال علوية: التربية الدينية من خلال مادة التعليم الديني في مدارس الطوائف اللبنانية، معهد العلوم الإجتماعية، رسالة دبلوم، 1997، ص84؛ وأيضاً منير خير الله: المنهاج العام الموحد للتعليم المسيحي وكتبه، مجلة البشرى عدد 6، المركز الكاثوليكي للتعليم المسيحي 1987، ص20-21؛ أيضاً أنظر: محمد سلامي: التعليم الديني وانتاج المعرفة والسلوك الدينيين في الصفوف الإبتدائية والمتوسطة والثانوية، رسالة أعدت لنيل شهادة الدبلوم دراسات معمقة في علم الاجتماع التربوي من الجامعة اللبنانية، 2003، ص60.

[28]  طلال عتريسي: الذات والآخر في كتب التعليم الديني عند الطوائف اللبنانية، في كتاب القيم والتعليم، الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية، 2001، ص318-333.

[29] شربل انطون: حول مضامين كتب التعليم الديني المدرسي في لبنان، في كتاب التعليم الديني الزامي في لبنان، حركة حقوق الناس، 2001

[30] رولا موسى فاضل: أثر تدريس مادة التربية الدينية على طلاب مرحلة التعليم الثانوي عند مختلف الطوائف اللبنانية، رسالة دبلوم دراسات عليا في علم الاجتماع التربوي، 2005-2006، ص67.

[31] الهام البساط: المدرسة والتعليم الديني، جريدة النهار في 2/4/1997، ص7؛ وأيضاً مفيد مراد: نحو تثقيف ديني يتجاوز التطبيق الفئوي، جريدة النهار في 24/4/1997، ص5.

[32] عدنان الأمين: “أي مواطنة للبنانيين وللبنان”، ضمن كتاب إشكالية الدولة والمواطنة والتنمية في لبنان، دار الفارابي، بيروت، 2009، ص35.

[33] المرجع السابق: ص36.

[34] من هذه الدراسات: عدنان الأمين ومحمد فاعور: الطلاب الجامعيون واتجاهاتهم – ارث الانقسامات، بيروت، الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية، 1998؛ ونجوى الفقيه: دور الجامعة اللبنانية في تكوين النخب، أطروحة دكتوراه، معهد العلوم الإجتماعية في الجامعة اللبنانية، 2008.

 

 

 

 

1 responses to “التعليم الديني في لبنان: الإشكاليات والمحددات بقلم الدكتور عبد الغني عماد

  1. Pingback: التعليم الديني في لبنان | Lebanon Education Summit

أضف تعليق